كثرت في الآونة الأخيرة الجوائح كالفيضانات والأعاصير والأوبئة وغيرها، وقد أثرت على الحياة بصورة عامة، حيث تعطلت معها بعض الأعمال، وتوقفت معظم المنشآت تماما، أو لفترات متفاوتة، وأوضح مثال لذلك وباء كرونا، والذي أثر على الأنشطة والأعمال تأثيرا كبيرا، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات: فقهية وقانونية بشأن مدى الوفاء بالالتزامات العقدية المترتبة على الأطراف المتأثرين بهذه الظروف الاستثنائية، ومن هذه الالتزامات المهمة التزام أصحاب العمل بأجور العمال في ظل تأثر أعمالهم وأنشطتهم بهذه الظروف الاستثنائية. وقد رأيت أن أتناول هذا الموضوع-والذي تتلخص مشكلته في بيان مدى الالتزام بالوفاء بأجر العامل في ظل هذه الظروف-من خلال استقراء آراء المذاهب الفقهية (الاباضي، والحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي) ثم مقارنة ذلك بما ورد في نصوص قانوني المعاملات المدنية وقانون العمل العماني والسوداني، مع ايراد التطبيقات القضائية للقانونين المذكورين في البلدين بقدر ما يتيسر من ذلك. ويهدف البحث إلى بيان الرؤية الفقهية للآثار المترتبة على تأثير الجوائح على الالتزام بأجر العامل، ومقارنة ذلك بالحلول الواردة في نصوص القوانين العمانية والسودانية ذات العلاقة، وما ورد من تطبيقات قضائية في ذلك. ولمعالجة مشكلة البحث وبيان الحلول الشرعية والقانونية لها سأقتفي المنهج الوصفي التحليلي المقارن والذي بناء عليه أقوم بتوصيف المشكلة، وبيان النصوص والتطبيقات الواردة فيها مع تحليلها للوصول للأحكام الشرعية والقانونية المناسبة لها، وقد قسمت البحث إلى مقدمة وثلاثة مطالب وخاتمة.

كثرت في الآونة الأخيرة الجوائح كالفيضانات والأعاصير والأوبئة وغيرها، وقد أثرت على الحياة بصورة عامة، حيث تعطلت معها بعض الأعمال، وتوقفت معظم المنشآت تماما، أو لفترات متفاوتة، وأوضح مثال لذلك وباء كرونا، والذي أثر على الأنشطة والأعمال تأثيرا كبيرا، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات: فقهية وقانونية بشأن مدى...